Connect with us

رأي

الذكاء الاصطناعي وفقاعة 2000!

الرهان على الذكاء الاصطناعي اليوم أضخم من أي وقت مضى، إذ امتد الاستثمار فيه إلى كل ركن من الاقتصاد

قبل أيام، حذر بنك إنجلترا من تزايد خطر حدوث «تصحيح مفاجئ» في الأسواق العالمية، مع استمرار ارتفاع تقييمات كبرى شركات الذكاء الاصطناعي.

فالأسابيع الأخيرة شهدت فترة مزدحمة بالنسبة لشركة OpenAI، أغلى الشركات الناشئة في العالم، بعد أن أعلنت أن ChatGPT سيتحول إلى ما يشبه نظام تشغيل، وأطلقت أول تطبيق تواصل اجتماعي لها، بل وأشاعت نيتها تطوير جهاز يهدف إلى «جعلنا أكثر سعادة».

حسابات معقدة

ورغم ذلك، فإن وراء هذه الخطوات بعض «الحسابات المعقدة». فالإعلانات الكبرى جاءت بعد أن استثمرت شركة إنفيديا – أغلى شركة في العالم – نحو 100 مليار دولار في OpenAI لبناء المزيد من مراكز البيانات، على أن تملأها OpenAI بشرائح إنفيديا.

وبعدها عقدت الشركة صفقة مع منافستها AMD لبناء مراكز إضافية ستُجهّز بشرائح AMD. بعض المحللين يصفون هذه التحركات بأنها «دائرية»، فيما يراها آخرون سلوكًا يشبه «فقاعة مالية».

وبحصيلة العام، أبرمت OpenAI صفقات حوسبة بقيمة تريليون دولار، وهو مبلغ خيالي سيتيح لك قريبًا التسوق على Zillow دون مغادرة ChatGPT، أو بطولة مسلسل مُنشأ بالذكاء الاصطناعي، أو حتى حمل جهاز مراقبة ذكي في جيبك.

لكن هذا الرقم يبدو عبثيًا عندما نعلم أن OpenAI لم تحقق أرباحًا مطلقًا، وتتوقع أن تتضاعف خسائرها ثلاث مرات لتصل إلى 14 مليار دولار في 2026، رغم ارتفاع قيمتها السوقية إلى 500 مليار دولار الأسبوع الماضي.

سلوك يشبه الفقاعات

هذا النوع من «السلوك الفقاعي» ليس جديدًا. فالحديث عن فقاعة تكنولوجية جديدة بدأ قبل أكثر من عقد، حتى قبل أن تُذهل ChatGPT العالم بشعبيتها.

لكن الرهان على الذكاء الاصطناعي اليوم أضخم من أي وقت مضى، إذ امتد الاستثمار فيه إلى كل ركن من الاقتصاد: من العقارات والبناء وتبريد مراكز البيانات، إلى صناعة الشرائح الإلكترونية التي تعتمد في النهاية على شركة واحدة في تايوان لإنتاج أشباه الموصلات الأكثر تقدمًا.

الجميع يبدو مقتنعًا بأن رهان الذكاء الاصطناعي لا يمكن تفويته. لكن الحماسة المفرطة حوله ترفع بقية الاقتصاد أيضًا، وتخفي وراءها أخبارًا اقتصادية سيئة في الولايات المتحدة، مثل التضخم وتباطؤ النمو وسوق العمل الضعيف للشباب – وهو ما ساهم فيه الذكاء الاصطناعي نفسه.

ولهذا، إذا تحولت الطفرة إلى فقاعة وانفجرت، فإن الصدمة ستهز الاقتصاد بأكمله.

إشارات تزايد الخطر

الصفقات الدائرية ليست الإشارة الوحيدة المقلقة. فشركة xAI التابعة لإيلون ماسك جمعت مؤخرًا 20 مليار دولار – جزء منها من إنفيديا – لشراء شرائح إنفيديا أيضًا.

كما أن أحد أكبر علامات الخطر هو أننا لا نعرف بعد ما إذا كانت هذه الرهانات الضخمة ستؤتي ثمارها. تراهن شركات الذكاء الاصطناعي على نمو الطلب في المستقبل، ولذلك تستثمر مليارات الدولارات في البنية التحتية لتكون جاهزة إذا حدث هذا النمو. لكن كل ذلك مجرد تخمين.

هذا يذكّر بفترة التسعينيات، عندما سبقت الاستثمارات في البنية التحتية للإنترنت الطلب الفعلي، إلى أن تجاوز المعروض من كابلات الألياف الضوئية الحاجة، فانهارت صناعة الاتصالات.

قلق شعبي

ربما يكون أخطر ما في الأمر هو مزاج الناس نفسه. فالأمريكيون باتوا أكثر تشاؤمًا تجاه الذكاء الاصطناعي منذ إطلاق ChatGPT، ولا أحد يعرف حقًا كيف سيجعل حياتنا أفضل.

صحيح أنه يحظى بشعبية – إذ تقول OpenAI إن لديه 700 مليون مستخدم أسبوعيًا – لكنه بعيد عن أن يصبح «نظام التشغيل الجديد» أو «بوابة الإنترنت التالية».

أما تأثير الذكاء الاصطناعي على الإنتاجية فما زال مشكوكًا فيه؛ إذ أظهرت دراسة لمعهد MIT الشهر الماضي أن 95٪ من المؤسسات المشاركة لم تحقق أي عائد من مشاريع الذكاء الاصطناعي الخاصة بها.

ما الذي ينتظرنا؟

ربما تستمر طفرة الذكاء الاصطناعي دون انفجار، فنمضي إلى المستقبل بمساعدين افتراضيين في آذاننا ومراكز بيانات خلف منازلنا.

وربما يكون المتشائمون على حق، ونتجه نحو فقاعة جديدة شبيهة بانهيار الإنترنت في مطلع الألفية أو هوس السكك الحديدية في القرن التاسع عشر، عندما انهارت الشركات وضاعت الثروات.

لكن البنية التحتية نجت دائمًا: فبريطانيا الفيكتورية حصلت في النهاية على شبكة قطارات، ووادي السيليكون حصل على أنابيب الإنترنت. وفي كل مرة، تعلمنا لاحقًا كيف نجعلها تعمل فعلاً.

مترجم بتصرف عن مقال للكاتب آدم كلارك إستيس بموقع Vox

Continue Reading
اضغط لكتابة تعليق

اترك تعليقاً

Your email address will not be published. Required fields are marked *

جميع حقوق النشر محفوظة، نوتشر 2020 - 2025 ©