بعد خمس سنوات من استخدام هاتفي، كنت لا أزال راضية تمامًا عنه، رغم أن البطارية بدأت تعاني من الشيخوخة التقنية. لكن هراء التعريفات الجمركية الذي فرضه دونالد ترامب دفعني لاتخاذ قرار عاجل: إما أن أشتري هاتفًا جديدًا، أو أصلّح هذا الذي أحبّه قبل أن تقفز الأسعار، وقد اخترت الحل الأبسط والمنطقي: استبدلت البطارية.
هاتفي هو iPhone 12 Mini، وهو طراز لم تعد آبل تصنعه. أحب هذا الهاتف لأنه خفيف وصغير الحجم، على عكس معظم الهواتف العملاقة التي نراها اليوم. عندما طُرح لأول مرة، اشتكى المراجعون من ضعف البطارية، لكني لا أستخدم هاتفي كثيرًا، لذا لم تكن مشكلة حقيقية بالنسبة لي حتى هذا العام، فقد تدهورت البطارية إلى 80٪ من سعتها الأصلية، وصرت مضطرة إلى تشغيل “وضع الطاقة المنخفضة” مبكرًا حتى لا ينطفئ الهاتف بنهاية اليوم.
لا داعي للتحديث
صُممت هواتف آبل لتكون قابلة للاستبدال بسرعة، ويرجع ذلك جزئيًا إلى هوس جوني آيف بالشكل الأنيق، وهو هوس لا أجد له قيمة تُذكر. ومع كل إصدار جديد، لا نجد سوى تغييرات طفيفة لا تمس جوهر الهاتف، بل تذهب غالبًا للكاميرا أو إضافة اسمها “الجزيرة الديناميكية”، أو منفذ USB-C. في الحقيقة، لم أجد سببًا مقنعًا يجعل من هاتفي جهازًا يُفترض التخلص منه بسهولة.
أنا أستخدم الهاتف بشكل مختلف. لا يهمني الذكاء الاصطناعي من آبل” أو “ساحة الصور” أو غيرها من الألعاب الترفيهية التي لا يدعمها هاتفي أساسًا. كل ما أحتاجه هو: إجراء المكالمات، iMessage، الخرائط، والموسيقى. لا أكثر. أما الكاميرا؟ لا بأس لو كانت عديمة الفائدة تمامًا.
وبينما يبدو أن العالم يتّجه نحو الأجهزة الأكبر، أنا أُفضّل الصغير منها. هاتفي يناسب كفّي، ويدخل في جيوب البنطلونات النسائية الصغيرة (للأسف!). وحتى أثناء رحلات التخييم، الوزن مهم، وكل جرام يُحتسب، بما في ذلك وزن الهاتف.
مستقبل غامض
لكن ما زاد الطين بلّة هو مستقبل السوق الغامض. هل ستبقى هواتف آيفون متوفرة؟ وكم سيكون ثمنها؟ مشاهدتي لمدير ميناء لوس أنجلوس يتحدث عن تراجع الواردات زادت من توتري. لذا، أنفقت حوالي 90 دولارًا لتغيير البطارية، بدلًا من 599 لشراء هاتف جديد. ومن يدريني؟ قد لا تتوفر قطع الغيار لاحقًا مع كل هذا التخبط في سلاسل التوريد.
آبل ما زالت تضع العراقيل أمام من يرغب في إصلاح جهازه. حتى مع “انفتاحها” على الإصلاح المستقل، ما زالت تعتمد سياسة “ربط القطع”، أي أن استبدال أي جزء قد يؤدي إلى تعطيل بعض الوظائف. وهذا يجعلني أكثر عنادًا وإصرارًا على إصلاح ما يمكن إصلاحه.
وفي ظل فوضى التعريفات الجمركية، يصبح هذا التصميم المغلق أكثر إزعاجًا. آبل لا تملك مخزونًا كبيرًا، وسلسلة التوريد الخاصة بها تعمل بأسلوب “الإنتاج عند الطلب”، وهو أمر فعّال لكنه هش. وأي تعطيل يؤدي إلى نقص — كما حدث في جائحة كورونا.
خيبة أمل
تيم كوك، المدير التنفيذي، حاول التقرّب من ترامب بكل الطرق، حتى تبرّع لحفل تنصيبه ووقف بجانبه. لكن النتيجة؟ إذلال علني دون مقابل. ألم يتعلّم من التجربة السابقة؟
صحيح أن بعض الرسوم الجمركية قد خُففت، ولكن الغموض مستمر، وكل شيء يُنذر بارتفاع الأسعار قريبًا. لهذا، أوفّر المال قدر المستطاع، بل وأخزن بعض السلع مثل القهوة الكولومبية التي ارتفع سعرها لاحقًا بعد شرائي لها بالجملة.
ربما تجبرني آبل مستقبلًا على التحديث بإيقاف الدعم عن هاتفي، لكني أراهن أن هذا لن يحدث قريبًا. ولعل من أبرز مميزات الهاتف القديم أنه لا يُغريني بشيء. لا تطبيقات جديدة، لا إعلانات مزعجة، لا دعوات للشراء. وهذا، في زمن الغلاء، مكسب حقيقي.
*ترجمة بتصرف عن مقال للكاتبة «إليزابيث لوباتو» بموقع «ذا فيرج» الأمريكي