منذ إطلاق شات جي بي تي أواخر 2022، وجوجل تعيش حالة قلق علني، بل يمكن القول إنه تحول إلى “ذعر” من إعلان OpenAI عن محرك بحث منافس.
في مؤتمرها الأخير للمطورين، أعلنت جوجل عن أكثر من 100 ميزة جديدة، معظمها تتمحور حول الذكاء الاصطناعي. باختصار، جوجل دخلت في أزمة هوية، و”إنها لأزمة رائعة”، كما يراها البعض.
لقد هيمنت جوجل على الإنترنت خلال الخمسة عشر عامًا الماضية عبر محرك البحث والإعلانات. لكنها الآن لم تعد تسيطر على المشهد. فأدوات الذكاء الاصطناعي مثل ChatGPT وPerplexity بدأت تحل محلها، هذه الأدوات تقدم معلومات مختصرة مأخوذة من الإنترنت مباشرة دون الحاجة إلى النقر على الروابط.
فاتها القطار!
في أبريل الماضي، انخفض عدد عمليات البحث عبر جوجل في متصفح سفاري للمرة الأولى، وتراجعت حصة جوجل السوقية في البحث إلى أقل من 90%، وهو أمر لم يحدث منذ عقد.
لقد حاولت جوجل مواكبة التطور، وأطلقت ميزة “نظرة عامة بالذكاء الاصطناعي”، ثم طورتها لاحقًا إلى ما سمّته “وضع الذكاء الاصطناعي”، وهو تجربة بحث تعتمد على الدردشة وتبدو أشبه بـ ChatGPT، وخلال الأسابيع المقبلة، سيصل هذا الوضع الجديد إلى جميع المستخدمين في أمريكا، مع زر لامع على يمين صندوق البحث.
جربت بنفسي هذا الوضع في بحثي عن مراقبة الطيور، أدخلت جملة من ثلاث أسطر، فتلقيت إجابة من 600 كلمة تقريبًا. 9 روابط فقط ظهرت، لكني لم أكن بحاجة للنقر على أي منها، لأن الذكاء الاصطناعي لخّص كل شيء. المفاجأة أن أحد المصادر الرئيسية كان دليلًا للمبتدئين كتبته زميلتي في Vox.
تجربة بعيوبها!
التجربة لا تخلو من العيوب، فالنماذج اللغوية الكبيرة ترتكب الأخطاء، وأحيانًا تقدم معلومات غير دقيقة، لكنها أيضًا تقدم إجابات مغرية جدًا تجعلك لا تشعر بالحاجة للتحقق، ونتيجة لذلك، أصبح الناشرون يعانون من انخفاض حاد في عدد الزوار القادمين من جوجل، لأن الناس أصبحوا يسألون الذكاء الاصطناعي مباشرة.
رغم كل ذلك، من المرجح أن يكون هذا هو مستقبل البحث. مستقبل لا يعتمد على روابط زرقاء، بل على ذكاء اصطناعي يقرأ لك الإنترنت.
ولم تكتفِ جوجل بذلك، أدخلت “جيميني” إلى متصفح كروم، بحيث يمكن للمساعد الذكي قراءة محتوى الصفحات، تلخيصه، أو حتى تحليل مقاطع يوتيوب مباشرة. نسخة موجهة ومحددة من تجربة البحث الجديدة نفسها.
في ظل سيل الإعلانات عن الذكاء الاصطناعي، تبدو جوجل وكأنها تسير نحو مستقبل جديد كليًا. البعض وصف ذلك بأنه “نهاية الإنترنت المدعوم بالإعلانات”، والبعض الآخر قال: “جوجل تدفن الويب حيًا.”
حقبة جديدة
في بدايات الإنترنت، اشتهرت جوجل بقدرتها على تبسيط مهمة البحث. أما في عصر الذكاء الاصطناعي، فمكانتها أصبحت أقل يقينًا. وربما تظهر شركة جديدة تقدم أدوات أسهل وأكثر ودًا للمستخدمين.
أما أنا، فسأواصل تجربة صناعة فيلمي المتحرك عن الكلب البطل، وأنتظر اللحظة التي سأشعر فيها حقًا بأن هذه الأزمة.. كانت مجيدة.
مترجم بتصرف عن مقال للكاتب آدم كلارك إستيس بموقع Vox