Connect with us

رأي

الإنترنت «الراديكالي» الجديد!

لم تعد التهديدات تأتي فقط من التطبيقات التقليدية، بل من المساحات التي نظن أنها مجرد ألعاب أو ترفيه

لم يعد الجدل حول مخاطر الإنترنت مقصورًا على إنستجرام وتيك توك وفيسبوك، فهناك جيل جديد من الفضاءات الرقمية يتشكل بهدوء في الظل: منصات الألعاب.

تطبيقات مثل ديسكورد وروبلكس وستيم، التي أنشئت في الأصل للتواصل بين اللاعبين، تحولت تدريجيًا إلى مساحات للنقاش الاجتماعي، بل إلى ما يشبه “ساحات عامة بديلة”.

الفارق هنا أن هذه الساحات غير مرئية تقريبًا للعالم الخارجي، وتقوم على تفاعلات شبه مجهولة الهوية، وهو ما يجعلها أكثر صدقًا وعفوية من التطبيقات السائدة التي تطارد الشهرة والانتشار.

مرتع للتطرف

لكن في قلب هذا الصدق تكمن إشكالية خطيرة: هذه المنصات أصبحت أيضًا مرتعًا للتطرف، وللاستغلال، ولمحتويات محظورة يصعب رصدها.

فبينما تركز تطبيقات التواصل التقليدية على رفع المحتوى للعلن، نجد أن بذور كثير من الأفكار المتطرفة تُزرع أصلًا في غرف مغلقة داخل تلك المنصات الموجهة للاعبين.

الخطر الأكبر أن هذه البيئة تجذب فئة الشباب الباحثين عن انتماء وهوية. هنا يجدهم المتطرفون والمستغلون، ويستغلون اندماجهم العاطفي مع اللعب لتمرير رسائل متطرفة أو محتويات مشبوهة، مستخدمين ما يُعرف بـ”لغة اللعب” لإخفاء المعاني الحقيقية.. التاريخ يقدم أمثلة صارخة:

  • ديسكورد كان منصة للتنسيق في أحداث “شارلوتسفيل” عام 2017، وشهد اعترافات ومخططات قبل جريمة قتل، وكذلك سجل استعدادات منفذ هجوم بافالو عام 2022.
  • روبلكس، التي تسوّق نفسها كمنصة آمنة للأطفال، تواجه دعاوى قضائية بسبب إخفاقها في حماية المستخدمين الصغار، بعد حوادث استغلال بشعة.
  • تويتش استُخدم لبث مباشر لجريمة قتل جماعي، ما كشف عن عجز المنصات عن الاستجابة الفورية.
  • ستيم وُجد فيها مجتمع متطرف يروج لأيديولوجيات النازيين الجدد.

قد يقول البعض إن غالبية التفاعلات في هذه المنصات عادية وبريئة، من مجموعات للدراسة إلى نوادي المعجبين بالرياضة. وهذا صحيح. لكن المشكلة أن الفضاء ذاته الذي يُستخدم لبناء صداقات هو نفسه الذي يُستغل لتجنيد وتطويع عقول صغيرة نحو مسارات خطيرة.

مكمن الخطر!

المعادلة واضحة: كلما اتسعت هذه المنصات، كلما زاد عبء المسؤولية. ورغم أن الشركات المالكة تملك القدرة التقنية على مراقبة ما يجري، إلا أن جهودها ما تزال شبيهة بالبحث عن “إبرة في كومة قش”.

في رأيي، نحن أمام تحول خطير في خريطة المخاطر الرقمية. لم تعد التهديدات تأتي فقط من التطبيقات التقليدية، بل من المساحات التي نظن أنها مجرد ألعاب أو ترفيه.

وهنا يكمن الخطر الأكبر، ألا وهو التطرف، الذي يختبئ خلف أقنعة اللعب، بينما المجتمعات والسياسات ما تزال تركز على السطح وتغفل العمق.

الرهان الحقيقي الآن هو: هل تستطيع الحكومات وشركات التكنولوجيا أن تلحق بهذا التحول قبل أن يتحول “الإنترنت الراديكالي الجديد” إلى واقع يصعب احتواؤه؟

مترجم بتصرف عن مقال للكاتبة «سارة فيشر» من موقع أكسيوس الأمريكي

Continue Reading
اضغط لكتابة تعليق

اترك تعليقاً

Your email address will not be published. Required fields are marked *

جميع حقوق النشر محفوظة، نوتشر 2020 - 2025 ©