Connect with us

رأي

مهمة ChatGPT الجديدة!

شات جي بي تي يحمل على عاتقه مهمة جديدة، ألا وهي «إصلاح الويب المكسور»، عبر متصفح ChatGPT Atlas الذي يقدم لمحة عن المستقبل

الويب أصبح فوضويًا، بل يمكن القول إنه «مكسور».. تزداد صفحاته امتلاءً بـ«مخلفات الذكاء الاصطناعي»، وبات تصفّحه تجربة مملة ومحبطة.

على مدى السنوات الماضية، كنتُ -على الأقل مرتين في العام- أحمّل متصفحًا جديدًا وأتساءل: هل سيبدو الويب أجمل من خلال نافذة مختلفة؟ والإجابة دائمًا: لا.. أو على الأقل لم تكن كذلك.. حتى وقت قريب.

لقد دخلنا عصر المتصفحات المدعومة بالذكاء الاصطناعي، تحمل أسماء مثل Comet وDia وNeon، وجميعها تقدم الوعد نفسه: إنجاز المهام بدلًا منك على الويب.

الفكرة بسيطة: طالما أصبح الويب مليئًا بالمحتوى المكرر والمزعج، فلماذا لا تترك مهمة البحث والنقر والتفكير لوكلاء الذكاء الاصطناعي؟ أو على الأقل ليسرّعوا لك العملية؟

قد يعني ذلك تلخيص مقال إخباري، أو ملء نموذج إلكتروني، أو حتى شراء أغراضك اليومية.

هنا يأتي متصفح ChatGPT Atlas، الذي أطلقته شركة «أوبن إيه آي» مؤخرًا، ليعمل كنوع من محركات البحث الجديدة، يستبدل شريط بحث «جوجل» التقليدي بمربع محادثة خاص بـ«تشات جي بي تي».

حتى «جوجل كروم» نفسه بدأ يقدّم ميزة مشابهة، بإضافة جيمِني كمساعد يتبعك في أثناء التصفح ليشرح لك ما ترى – نسخة مطوّرة من «كليبي» الشهير، ولكن أقل إزعاجًا.

إغراء التجربة الجديدة!

رغم المفارقة الساخرة في أن وكلاء الذكاء الاصطناعي يسبحون وسط محتوى أنتجه ذكاءٌ اصطناعي مثلهم، إلا أن الفكرة في حد ذاتها مغرية.

لكن، كما هو الحال مع كثير من تطبيقات الذكاء الاصطناعي اليوم، لا تزال الوعود أكبر من الواقع. جربتُ هذه المتصفحات الجديدة واحدًا تلو الآخر، ولم أجد أياً منها أسرع أو أذكى من أصابعي وعينيّ في أداء المهمة.

ومع ذلك، أرى ملامح خافتة لمستقبل أفضل للويب من خلال هذه النوافذ الجديدة.. مستقبل يبدو أكثر سلاسة وأقل ازدحامًا بالنوافذ المنبثقة والقمامة الرقمية، إنه يُذكّرني بـ«كروم» حين استخدمته لأول مرة قبل نحو عشرين عامًا.

كيف سيبدو التصفح؟

تجربة استخدام هذه المتصفحات «الذكية» متشابهة إلى حد بعيد، سواء فيما بينها أو مقارنة بالمتصفحات التقليدية.. من الخارج تبدو شبيهة بـ«كروم»، لأنها مبنية أساسًا على منصة Chromium مفتوحة المصدر من جوجل.

الفرق الجوهري هو وجود روبوت محادثة يعتمد على الذكاء الاصطناعي مدمج في جانب المتصفح. يمكنك أن تسأله عمّا تراه على الصفحة في أي لحظة -من جدول مواعيد إلى بريد إلكتروني- ويمكنه كتابة نصوص لك أو جمع المعلومات بالنيابة عنك، متعلّمًا في الوقت ذاته من اهتماماتك.

تتوافر نسخ مجانية وأخرى مدفوعة من هذه المتصفحات. الميزات الأساسية، مثل تلخيص الصفحات، متاحة مجانًا، بينما تتطلب الميزات «الذكية» المتقدمة اشتراكًا مدفوعًا يبلغ نحو 20 دولارًا شهريًا، سواء في ChatGPT Atlas أو Comet (من شركة Perplexity)، أو Neon (من أوبرا) وهو حاليًا بدعوات محدودة.

جوجل.. إلى المقعد الخلفي!

الأمر اللافت في هذه التجربة هو أن «جوجل» يتراجع عن دوره المركزي في عملية التصفح.

منذ سنوات، كان العثور على أي شيء على الإنترنت يبدأ دائمًا ببحث في جوجل، يعقبه سيل من الروابط الزرقاء، أو إن كنت محظوظًا، خريطة أو صورة أو مقطع فيديو أو إجابة مولدة بالذكاء الاصطناعي.

أما في المتصفحات الجديدة، فالنتائج تُقدَّم بطريقة منظمة وواضحة، على شكل نقاط أو فقرات، بدلًا من الفوضى الإعلانية التي تغرق صفحة نتائج جوجل، المليئة بالإعلانات والروابط التسويقية.

وربما لا تريد أن تحجز عطلتك القادمة عبر وكيل ذكي، لكن لا يمكن إنكار سهولة أن تطلب من «تشات جي بي تي» اقتراح فنادق رخيصة قرب أفضل شواطئ «ماوي» (وسرعان ما سيخبرك بأنه لا توجد شواطئ رخيصة هناك!) بدلًا من الغوص في نتائج جوجل المرهقة.

الفرق هنا أن نتائج «أتلاس» تأتي مخصصة لك – بناءً على محادثاتك السابقة مع النموذج – فتصل لما تريد بسرعة أكبر وبطريقة أكثر طبيعية.

كل شيء يعود إلى كروم!

من الطريف أن هذا التوجّه يعيدنا إلى نقطة البداية.. ففي عام 2008، حين أطلقت جوجل النسخة التجريبية الأولى من «كروم»، قالت في مدونتها الرسمية إن المتصفح الجديد “مبسّط وسهل”، إذ يمكنك إجراء البحث مباشرة من مربع كبير أعلى الصفحة.

بعد ثلاث سنوات، أضافت الشركة خاصية تسجيل الدخول إلى «كروم» ليحمل بياناتك الشخصية معك أينما ذهبت.

لكن تلك الميزة كانت أيضًا بداية الهيمنة الإعلانية لجوجل، إذ استُخدمت بيانات المستخدمين لاستهدافهم بإعلانات أكثر تخصيصًا، ما جعل تجربة البحث أكثر ازدحامًا وأقل نقاءً.

واليوم، رغم أن «جوجل» لا تزال تهيمن على نحو 90٪ من سوق البحث و70٪ من سوق المتصفحات عالميًا، من الصعب أن تجد شخصًا يستمتع فعليًا باستخدام محرك البحث. وبالتالي، من الصعب أيضًا أن تجد من يحب «كروم»، بوصفه البوابة الرئيسية لهذا العالم المرهق من الإعلانات.

شخصيًا، عدتُ إلى استخدام «سفاري» منذ سنوات، بعدما فقد «كروم» سرعته وبريقه، وبدأت جوجل تواجه دعاوى احتكار متزايدة.

بداية جديدة؟.. ربما!

الغريب أن هذه المتصفحات المدعومة بالذكاء الاصطناعي تذكّرني بـ«كروم» في بداياته، حين كان يمثل ثورة في بساطته وسرعته.

الآن، المتصفحات الجديدة تعيد بناء تجربة التصفح من الصفر – لا من خلال طريقة تحميل الصفحات، بل من خلال طريقة تفاعلك أنت مع الويب.

لم تعد مضطرًا لإدخال كلمات مفتاحية في مربع بحث؛ يمكنك ببساطة أن تشرح ما تريد لروبوت المحادثة، فيتولى هو مهمة الشرح أو التنفيذ أو التوضيح.

تجربة بسيطة وسلسة، لكنها مختلفة جذريًا.

سأكون أول من يعترف بأن روبوتات المحادثة ليست للجميع. استغرق الأمر مني ساعات طويلة لأتعلم كيف أجعل هذه التقنية تعمل لصالح احتياجاتي، لكني اليوم أكتشف يوميًا طرقًا جديدة تجعلها أكثر فائدة.

ومع ذلك، سأبقى – على الأرجح – مستخدمًا وفيًا لـ«سفاري»، أبحث عبر جوجل حين أحتاج لذلك.

هل يتعافى الويب؟

قد لا تعمل المتصفحات الذكية بالشكل المثالي بعد، لكنها تمنحنا لمحة عن مستقبل ممكن لشبكة أنظف وأسرع وأكثر تنظيمًا.

ومع ذلك، لا يمكن تجاهل احتمالية أن تسلك شركات مثل «أوبن إيه آي» الطريق نفسه الذي سلكته جوجل يومًا ما: أن تكتشف فجأة أن جمع البيانات الضخمة عن المستخدمين وتحويلها إلى إعلانات مربحة هو الطريق الأقصر إلى الثروة.

في الواقع، تبدو بعض المؤشرات على هذا التحول ظاهرة بالفعل.

مترجم بتصرف عن مقال للكاتب آدم كلارك إستيس بموقع Vox

Continue Reading
اضغط لكتابة تعليق

اترك تعليقاً

Your email address will not be published. Required fields are marked *

جميع حقوق النشر محفوظة، نوتشر 2020 - 2025 ©