أطلق ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، شركة جديدة تحمل اسم “هيومين” (Humain)، متخصصة في الذكاء الاصطناعي، بهدف جعلها الأداة الرئيسية لتنفيذ إستراتيجية المملكة في هذا المجال، وتحويل السعودية إلى مركز عالمي للذكاء الاصطناعي، وفق ما ذكرته صحيفة فايننشال تايمز.
وستتولى “هيومين” تطوير التقنيات والبنى التحتية للذكاء الاصطناعي، بما في ذلك إنشاء مراكز بيانات ضخمة، وتشغيل واستثمار مشاريع الذكاء الاصطناعي محليًا وإقليميًا، إلى جانب تطوير نماذج لغوية متقدمة باللغة العربية، تخدم المستخدمين في السعودية والمنطقة.
ورغم عدم الإعلان عن رأس المال المخصص للشركة، إلا أن المشروع يأتي ضمن خطط ضخمة تتطلب استثمارات بمئات ملايين الدولارات، إلى جانب توفير رقائق متقدمة وطاقة عالية وبنية تحتية قوية.
إعلان تأسيس “هيومين” جاء عشية زيارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إلى الرياض، في أولى محطات جولته الخليجية، إذ تسعى المملكة إلى ترسيخ موقعها كقوة إقليمية في قطاع الذكاء الاصطناعي، من خلال مشاريع متعددة تجمع بين التكنولوجيا والسياحة والثقافة.
تجربة سابقة
ولدى المملكة تجارب سابقة في مشاريع الذكاء الاصطناعي الرائدة، من أبرزها إطلاق الهيئة السعودية للسياحة، العام الماضي، المساعدة الرقمية “سارة”، وهي سفيرة افتراضية مدعومة بتقنيات الذكاء الاصطناعي التوليدي، تم تصميمها لتقديم تجربة سفر مخصصة وشخصية للزوار.
وقد صُممت “سارة” بملامح ثقافية سعودية وقصة خلفية تعكس شابة محلية خبيرة بتضاريس المملكة، لتتمكن من تقديم مسارات سياحية فريدة تشمل مواقع غير معروفة وتجارب أصيلة بالتعاون مع المجتمعات المحلية.
ويبرز هذا المشروع ضمن توجه أوسع نحو دمج الذكاء الاصطناعي في القطاعات الاقتصادية والسياحية، بالتوازي مع إطلاق شركة “هيومين” التي ستقود جهود السعودية لتطوير البنى التحتية والنماذج اللغوية في الذكاء الاصطناعي، مما يعكس تكاملاً في الرؤية التقنية التي تتبناها المملكة.
تمويل سيادي
وفق فايننشال تايمز، ستكون “هيومين” مملوكة لصندوق الاستثمارات العامة السعودي، الذي تتجاوز قيمته 940 مليار دولار، ويُعوّل على هذا المشروع لتجسيد رؤية المملكة في مجال الذكاء الاصطناعي، بعد سنوات من الحديث عن الطموحات دون جهة تنفيذية واضحة.
الصندوق كان قد أطلق أيضًا شركة “آلات” (Alat)، التي يرأسها الأمير محمد بن سلمان، والتي تعهدت باستثمار 100 مليار دولار في تقنيات الذكاء الاصطناعي والبنية التحتية المرتبطة بها بحلول عام 2030.
سباق خليجي
وشهدت دول الخليج في السنوات الأخيرة توسعا في استثمارات الذكاء الاصطناعي، إذ باتت تعده محورًا أساسيًا لتنويع اقتصاداتها وتقليل الاعتماد على النفط.
ففي 2024، أعلنت شركة الشرائح الأمريكية “غروك” (Groq) عن شراكة مع “أرامكو” لبناء أكبر مركز بيانات في العالم مخصص للذكاء الاصطناعي، كما دخلت شركة “سيريبراس” (Cerebras) الأمريكية في شراكة مماثلة مع أرامكو.
ولا يقتصر الاهتمام بالذكاء الاصطناعي على السعودية فقط، بل أصبح توجهًا إقليميًا واضحًا، فالإمارات أسست شركة “G42” بقيادة الشيخ طحنون بن زايد للعمل في الذكاء الاصطناعي، أما قطر فتخطط لتعزيز استثماراتها في هذا القطاع.
تسهيلات أمريكية
وقد أعلنت وزارة الخزانة الأمريكية مؤخرًا عن تسهيلات للاستثمارات الخليجية في شركات التكنولوجيا الأمريكية، استجابة للضغوط الخليجية لتسريع الحصول على الرقائق الإلكترونية وتسهيل دخول رؤوس الأموال إلى قطاع الذكاء الاصطناعي.
وفي وقت سابق من هذا العام، كشف الأمير محمد بن سلمان عن نية المملكة استثمار 600 مليار دولار في الولايات المتحدة خلال السنوات الأربع المقبلة، بعد اتصال هاتفي مع الرئيس ترامب.