Connect with us

مقال رأي

رفقًا بصحافتنا يا SEO!

خبرتي التي تمتد إلى العام 2004 في مجال الصحافة الإلكترونية، لم تشفع لي في تسهيل مهمتي نحو التعامل مع القواعد الجديدة للسيو

عندما أتيحت لي فرصة للمشاركة في تحرير النسخة العربية من موقع صحيفة AS الإسبانية عام 2018، كان مصدر قلقي الأول باعتباري «محرر ديسك»، هو كيفية انخراطي بسلاسة في ذاك التخصص الواسع من التحرير الرياضي، سيما مع الاهتمام الأكبر من جانب الصحيفة بالدوريات الأوروبية لكرة القدم، وهو الأمر البعيد عن متابعاتي بحكم تخصصي في الصحافة التقنية.

لكن، يبدو أنني كنت مخطئًا، فقد واجهت تحديًا أكبر، تمثل في التعامل مع ما بات يُعرف بـ «السيو»، وهو مفهوم قديم لدى صناع المحتوى حول العالم لكنه –نسبيًا- يعد جديدًا في عالم الصحافة الإلكترونية العربية.

كان عليَّ أن أخضع صياغتي للمادة الصحفية إلى تلك المعايير الجديدة، والتي بدورها تختلف في بعض منها عن المعايير الثابتة والمتعارف عليها للصحافة التقليدية، أو حتى لمعايير التحرير الإلكتروني قبل بضع سنوات.

خبرتي التي تمتد إلى العام 2004 في مجال الصحافة الإلكترونية، عندما خضت أكثر من تجربة في التحرير العلمي بصحيفتي «البيئة الآن» المصرية و«حياة جديدة» اللندنية، إضافة إلى عملي محررًا في «هداية نت» السعودية آنذاك، لم تشفع لي في تسهيل مهمتي نحو التعامل مع القواعد الجديدة للسيو، إذ لم تكن صياغة المادة الصحفية وقتها تختلف كثيرًا عن مثيلتها الورقية.

وقتها لم أكن صحفيًا إلكترونيا فحسب، بل عملت بالتزامن في صحف ورقية عدة، كان أبرزها صحيفة الشرق القطرية، التي مكثت فيها 11 عامًا، وكنت قبلها بسنوات قد اكتسبت خبرة في تصميم المواقع الإلكترونية بمستوى “هاوٍ”.

لكن -ومع كل هذا- يبدو الأمر هذه الأيام مختلفًا بالكلية، فكونك صحفيًا مهنيًا بالمفهوم القديم لم يعد يكفي، ولهذا بدأت بالفعل بدأت في اكتساب بعض المهارات، لعلّي أقترب من كفاءة «خبراء السيو».

البداية

وحقيقة أن السيو (SEO) أو Search Engine Optimization بمعنى تحسين الظهور على محركات البحث، ليس مصطلحًا حديثًا، إذ ظهر للمرة الأولى في العقد الأخير من القرن الماضي، وتحديدًا في العام 1997، على يد «بروس كلاي»، رجل الأعمال والمؤسس لشركة تحمل الاسم نفسه.

لكن الجديد في الأمر هو التغيير الكبير الذي طرأ على قواعد السيو من قبل واضعيها، وهم مطورو محركات البحث أنفسهم وفي مقدمتهم جوجل، والخوارزميات البرمجية التي أصبحت تستند إليها تلك المحركات عند أرشفة صفحات الويب ذات المحتوى النصي والوسائط المتعددة أيضًا.

كان الأمر في الماضي يقتصر على بعض الإجراءات البسيطة بهدف دفع محركات البحث نحو المواقع المتقنة في الأرشفة، أشهرها على الإطلاق الاهتمام بالكلمات الدالة (الميتا تاج) وهي أسرع وسيلة وقتها لتحقيق هذا الغرض، ومنها أيضًا تغذية محركات البحث يدويًا بالبيانات حول تخصص هذا الموقع ومحتواه.

لكن صياغة النص الصحفي على الانترنت ظلت لفترة طويلة تتشارك مع القواعد ذاتها المتبعة في الصحافة الورقية، من المباشرة في الصياغة والبعد عن التكرار في النص واستخدام أقل الكلمات الممكنة في العناوين واتباع قاعدة «الهرم المقلوب» عند صياغة الخبر وهكذا، بل إن محرري الإنترنت كانوا مطالبين باختصار النص أكثر إلى أقصى حد ممكن، فلطالما وُصف قارئ الإنترنت بـ «الملول»، ومن هنا كان الاحتفاظ بالقارئ يتطلب تزويده بالخلاصة وليس الحشو.

الآن، كمحرر إلكتروني، عليك بعكس ما سبق..

بالغ في التكرار..

كرر الكلمة والجملة التي يدور حولها موضوعك الصحفي، كلما كان ذلك ممكنًا..

– استخدم عنوانًا مثيرًا لا تخرج منه بمعلومة، وبالتأكيد لن يخلو من الحشو..

– اجعل عنوانك الجانبي سطرًا كاملًا وابتعد عن «رشاقة» العنوان ذي الكلمتين..

– والآن أقم هرمك المقلوب مجددًا وابدأ من التفاصيل الأقل أهمية للخبر.

بصدق، السيو ليس عدوي، فالتطور سنة حياة، وعلينا نحن الصحفيين التعامل معه واقعًا لابد من استيعابه، لكنه أيضًا ليس صديقًا.

Continue Reading
اضغط لكتابة تعليق

اترك تعليقاً

Your email address will not be published. Required fields are marked *

جميع حقوق النشر محفوظة، نوتشر 2020 - 2025 ©