الباحثة ماريانجيلا هونغريا نجحت في عزل سلالات من بكتيريا «الريزوبيا» التي تثبت النيتروجين في جذور نبات الصويا ما يغني جزئيًا عن استخدام الأسمدة الكيميائية المكلفة والملوثة
مُنحت جائزة الغذاء العالمية، التي توصف بـ”أوسكار الأغذية”، هذا العام للباحثة البرازيلية ماريانجيلا هونغريا، تقديرًا لعقود من أبحاثها حول استخدام البكتيريا لتحسين إنتاج المحاصيل، وبالأخص فول الصويا، ما أسهم في تحويل البرازيل إلى قوة زراعية عالمية.
وقالت هونغريا، وهي عالمة أحياء دقيقة في مؤسسة البحوث الزراعية البرازيلية “إمبرابا”، إنها واجهت كثيرًا من الشكوك عند انطلاق مسيرتها العلمية: “في بداياتي، كان الجميع يقول لي: أنتِ مجنونة! هذا لن ينجح أبدًا”، لكن أبحاثها أثبتت العكس.
وتسلط الجائزة، التي تأسست عام 1987 وتبلغ قيمتها نصف مليون دولار، الضوء على الإنجازات المتميزة في مجالي الزراعة والتغذية.
بكتيريا مفيدة
طوال مسيرتها في “إمبرابا”، وهي المؤسسة التي تُنسب إليها الفضل في تحويل البرازيل من بلد مستورد للغذاء إلى أكبر مصدر لفول الصويا عالميًا، ركزت هونغريا على دراسة البكتيريا المفيدة في التربة. فقد نجحت في عزل سلالات من بكتيريا “الريزوبيا” التي تثبت النيتروجين في جذور نبات الصويا، ما يغني المزارعين جزئيًا عن استخدام الأسمدة الكيميائية المكلفة والملوثة.
كما أثبتت فاعلية سلالة من بكتيريا أخرى تُعرف باسم “أزوسبيريلوم”، تطلق هرمونات تحفّز نمو جذور النباتات مثل الذرة والقمح، وتزيد من قدرتها على امتصاص العناصر الغذائية.
ويقول الباحث البرازيلي ليو بورتولون، من جامعة ولاية داكوتا الشمالية الأمريكية: “إنها عالمة مذهلة وقدوة للكثيرين، بمن فيهم أنا. معظم بذور الصويا والذرة في البرازيل تُطلى الآن بميكروبات قبل الزراعة”.
تجربة ناجحة
ورغم استمرار الجدل عالميًا حول فعالية البكتيريا الزراعية في أنواع التربة والمناخ المختلفة، إلا أن التجربة البرازيلية أظهرت نجاحًا ملحوظًا. ويُعزى ذلك إلى ثقة المزارعين ودقة الدراسات المحلية، إضافة إلى تنظيم حكومي لا يسمح بطرح المنتجات الميكروبية في السوق إلا بعد إثبات فعاليتها علميًا، وهو ما ساهمت هونغريا أيضًا في وضعه.
وتعد هونغريا ثاني عالمة من “إمبرابا” تفوز بالجائزة، بعد إدسون لوباتو الذي ساهم في إدخال الزراعة إلى منطقة “السيرادو”، التي كانت تعتبر أرضًا غير صالحة للزراعة بسبب حموضتها الشديدة. وبتقنيات مبتكرة، تحولت المنطقة إلى أحد أهم مصادر إنتاج الصويا.
لكن مع هذا الإنجاز الكبير، بدأت أصوات من داخل “إمبرابا”، من بينها هونغريا نفسها، تدعو إلى مراجعة الإرث الزراعي البرازيلي. ففي حين أدى النمو السريع إلى تركيز الثروة الزراعية بيد كبار المزارعين، فإن المستقبل – كما ترى هونغريا – يجب أن يكون أكثر شمولًا وعدالة واستدامة.
وقالت هونغريا إن الزراعة الحديثة اتسمت “بعقلية ذكورية” تسعى إلى التوسع والسيطرة، لكن النساء قادرات على تغيير هذا المنهج نحو حماية البيئة والتركيز على جودة الغذاء لا كميته فقط.
وفي كلمتها المرتقبة عند تسلم الجائزة لاحقًا هذا العام، ستدعو هونغريا إلى تمكين النساء، كما تعهدت بتخصيص مبلغ الجائزة لإطلاق جائزة جديدة تكرّم النساء العاملات في الزراعة والميكروبيولوجيا والتواصل العلمي أو خدمة ذوي الاحتياجات الخاصة.
طالبة بجامعة هليوبوليس للتنمية المستدامة، شغوفة بمجال الزراعة العضوية، ومهتمة بتطوير أنظمة غذائية مستدامة، تتمتع بخبرة عملية ميدانية، وحاصلة على جوائز عدة من خلال مشاركاتها النشطة في مبادرات الزراعة المستدامة.