Connect with us

رأي

الذكاء الاصطناعي بحاجة إلى ثورة!

الولايات المتحدة وحدها ستحتاج إلى 90 جيجاواط إضافية من الطاقة، ما يعادل 90 مفاعلًا نوويًا، فقط لتشغيل مراكز البيانات

خلال جلسة استماع في الكونجرس الأمريكي، جاء الرئيس التنفيذي لشركة OpenAI، سام ألتمان، بتصريح جوهري عن مستقبل الذكاء الاصطناعي قائلاً: “تكلفته ستتساوى مع تكلفة الطاقة”.

يُصوّر الذكاء الاصطناعي غالبًا كظاهرة رقمية خالصة تعمل في عالم من الشيفرات والخوارزميات، إلا أن الحقيقة مختلفة تمامًا، فوراء كل صورة يتم توليدها وكل إجابة يتم إنشاؤها، هناك تكلفة طاقة كبيرة وقابلة للقياس.

يعتمد هذا المجال على معادن نادرة ورقائق وسيليكون ومراكز بيانات تستهلك كميات هائلة من الكهرباء، ما يجعل تسريع تطوير الذكاء الاصطناعي تحديًا بيئيًا وبُنيويًا، وليس حسابيًا فقط.

الطاقة عامل حسم

رغم أن الذكاء الاصطناعي يُروّج له كأداة بقدرات غير محدودة، إلا أن الطاقة تظل العامل الأساسي الذي يحدد سقف تطوره، لقد أوضح ألتمان بواقعية أن تكلفة إنتاج الشرائح والأجهزة قد تنخفض مع الوقت بفضل الأتمتة، لكن “الإلكترون سيبقى إلكترونًا”، في إشارة إلى أن الطاقة اللازمة للتشغيل لا يمكن تقليصها بنفس السهولة.

في اقتصاد يعتمد على الذكاء الاصطناعي، ستتحدد التكلفة الهامشية للإبداع والتفكير الاصطناعي وفقًا لسعر الكهرباء. وبالتالي، ستتمتع الدول أو الشركات القادرة على إنتاج طاقة نظيفة وموثوقة ورخيصة بميزة حاسمة في سباق الذكاء الاصطناعي.

بعض التقديرات تشير إلى أن الولايات المتحدة وحدها ستحتاج إلى 90 جيجاواط إضافية من الطاقة – ما يعادل تقريبًا 90 مفاعلًا نوويًا – فقط لتشغيل مراكز البيانات. أي أن من يستطيع التحكم في البنية التحتية للطاقة، سيتحكم في حدود الذكاء الاصطناعي عالميًا.

المناخ ضحية

لتحقيق بنية تحتية فعّالة للذكاء الاصطناعي، ثمة خطوتين رئيسيتين، الأولى قياس الانبعاثات الكربونية للذكاء الاصطناعي بشكل واسع ومنهجي، والثانية دمج السياسات الطاقية مع السياسات التقنية وعدم فصلها.

في الوقت الحالي، لا تكشف شركات مثل OpenAI عن الأثر الكربوني لنماذجها، إلا أن باحثين مستقلين وجدوا طرقًا لحساب هذه الانبعاثات بدقة، على سبيل المثال، بعد أسبوع من إطلاق أداة توليد الصور الخاصة بـ OpenAI، أنشأ المستخدمون 700 مليون صورة، كل صورة تستهلك نحو 7 واط-ساعة، أي ما مجموعه أكثر من 5 ملايين كيلواط/ساعة – وهي طاقة تكفي لتشغيل 24 ألف منزل أمريكي لمدة أسبوع.

توضح هذه الأرقام أهمية أن تبدأ الشركات والحكومات في تتبع البصمة الكربونية والمائية للذكاء الاصطناعي، إذ أن الكفاءة البيئية ستتحول إلى ميزة اقتصادية وتنظيمية مع ارتفاع أسعار الطاقة وازدياد الرقابة الحكومية.

في تجربة عملية مع شركة تقنية إعلانية كبرى، أدى الانتقال من المعالجات التقليدية (CPU) إلى المعالجات الرسومية (GPU) إلى خفض انبعاثات الكربون بنسبة 62%، واستهلاك المياه بنسبة 55%. وتم تحقيق هذه القفزة من خلال قياس دقيق وتحسين البنية التحتية.

سباق الصين وأمريكا

خلال جلسة للجنة التجارة بمجلس الشيوخ، صرّح السيناتور تيد باد أن مفتاح التفوق على الصين ليس فقط في النماذج، بل في توليد الطاقة وتحديث الشبكة الكهربائية.

الصين، بحسب وكالة الطاقة الدولية، تستعد لإنتاج نحو نصف الطاقة المتجددة العالمية بحلول نهاية العقد الحالي، بالتالي، إذا أرادت الولايات المتحدة قيادة سباق الذكاء الاصطناعي، فعليها قيادة ثورة الطاقة أولًا، مع تبني سياسات تدمج بين الابتكار التقني والبيئي.

ما الحل؟

رغم أهمية الانتقال إلى الطاقة المتجددة، فإن هذا المسار يتطلب عقودًا من الاستثمارات والسياسات المتكاملة. وفي الأثناء، يمكن البدء بخطوات واقعية مثل: تتبع البصمة الكربونية والمائية للذكاء الاصطناعي اليوم، وفرض إطار تنظيمي دقيق مثل “قانون الأثر البيئي للذكاء الاصطناعي” الذي أُقترح في ماساتشوستس عام 2024.

صحيح أن تكلفة الذكاء الاصطناعي هي الطاقة.. لكن يجب أن نتأكد أنها طاقة مستدامة.

مترجم بتصرف عن مقال للكاتبة آية سعيد بمجلة «تايم» الأمريكية

Continue Reading
اضغط لكتابة تعليق

اترك تعليقاً

Your email address will not be published. Required fields are marked *

جميع حقوق النشر محفوظة، نوتشر 2020 - 2025 ©